بيان بمناسبة اليوم العالمي للسكن

04/10/2023 00:51

عام

ملفات صحفية

يخلد المنتظم الدولي، يوم 02 أكتوبر 2023، اليوم العالمي للسكن تحت شعار: " الاقتصادات الحضرية المرنة: المدن بوصفها دوافع للنمو والانتعاش"؛ وذلك للحث على البحث عن السبل التي تمكن المدن من مواجهة الصدمات الاقتصادية المتوالية الناتجة عن جائحة كورونا والصراعات، والتعامل مع ضغوط التضخم وضعف النمو غير المسبوق منذ 2001، وتأمين شروط الانتعاش الأخضر "وتوسيع نطاق الاستثمارات الخاصة والعامة لتمويل التحول إلى اقتصاد محايد مُناخيا في عالم ما بعد كورونا".

ويجري إحياء هذا اليوم، هذه السنة، وبلادنا لم تتمكن بعد كليا من تخفيف وتلطيف آثار الفاجعة المذهلة والكارثة المهولة التي خلفها زلزال الأطلس، ليلة 08 شتنبر 2023، الذي دمر ودك قرى ودواوير بأكملها، لا سيما بأقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت وازيلال ومراكش..، وهدَّم وقوض العديد من الدور والبنايات ببعض الحواضر والمدن كمراكش والدار البيضاء؛ متسببا بذلك في وفاة أزيد من 2900 مواطن ومواطنة وما يتعدى 5600 جريح وجريحة حسب الإحصائيات الرسمية. وهو الزلزال الذي أماط اللثام عن الواقع المرير الذي تعرفه جل المناطق المتضررة، التي تعاني معظم ساكنتها من الاقصاء والفقر والتهميش؛ وعرى عما تتعرض له من تمييز وعزلة جراء انعدام البنيات والتجهيزات الأساسية الضرورية والحيوية. كما أنه كشف أيضا عما يقيم فيه السكان من مبان ومساكن لا تستجيب لأبسط معايير السكن اللائق، ولا تمكن من العيش في كرامة وأمان؛ الأمر الذي رفع من عدد الإصابات والوفيات، وفاقم من العجز عن تقديم المساعدات والاسعافات العاجلة للضحايا.

وعلاوة على ما سبق، فإن الحق في السكن اللائق، باعتباره حقا أساسيا من حقوق الإنسان، ما زال منبعا للكثير من الانتهاكات ببلادنا، التي لم تتوفق، حتى الآن، في اجتثاث كل مظاهر السكن العشوائي ودور الصفيح، ولم تنجح في معالجة آفة المنازل الآيلة للسقوط وصيانة وترميم النسيج العتيق للمساكن بأغلب المدن؛ فيما يجري التستر على ظاهرة التشرد وأعداد المشردين الذين هم دون مأوى معروف أو مُقام معلوم.

وإذا كانت الدولة قد سعت من خلال مجموعة من البرامج إلى محاربة السكن غير اللائق، وسخرت لذلك موارد مالية وعقارية مهمة، فإن مقارباتها في هذا الباب اعتمدت، في معظم الأحيان، على استخدام القوة والإخلاء القسري للسكان؛ كما أدت، في حالات عديدة، إلى ترحيل الساكنة من أماكنها الأصلية القريبة، وتوطينها بمناطق جديدة وبعيدة عن بيئتها ومحيطها الاقتصادي والاجتماعي.

وفي ذات الإطار، فإنه يمكن، بناء على ما يتوفر من معطيات حول الانتهاكات التي يشهدها الحق في السكن اللائق، وما يعتري السياسات العمومية، بهذا الخصوص، من أعطاب واختلالات، تسجيل ما يلي:

استمرار العجز والخصاص اللذين يعرفهما السكن اللائق، الذي بلغ وفق مشروع قانون المالية لسنة 2023 أواخر سنة 2022، 368.000 وحدة؛ والحال أنه حسب طبعة 2023 الخاصة ب "المؤشرات الاجتماعية بالمغرب"، التي تنشرها المندوبية السامية للتخطيط، فقد جرى، خلال سنة 2021، تسجيل أن حوالي 74.8% من الأسر تملك المساكن التي تقيم بها، بنسبة 92.2% بالعالم القروي و67% بالعالم الحضري؛ بينما تبلغ نسبة الأسر التي تشغل مساكن بالكراء نحو 22% بالمدن. وتتوفر ثلثا هذه المساكن، دون تمييز بين العالمين القروي والحضري، على غرفتين أو ثلاث غرف، وذلك بنسبة 1.3 شخص لكل غرفة (1.6 بالمحيط القروي و1.4 بالمحيط الحضري)، مما يعني بأن المشكلة ما زالت تراوح مكانها ويبدو أنها لن تجد حلا خلال المدى المنظور والقريب.

ما زالت معضلة دور الصفيح مستمرة، إن لم تكن آخذة في الاستفحال رغم تشديد القيود والشروط اللازمة للبناء؛ وهذا بفعل تواطؤ أعوان السلطة ومسؤولي الجماعات الترابية، لا سيما أثناء فترات الاستحقاقات الانتخابية. فبعد انصرام ما يناهز العقدين من الزمن تراهن الجهات المعنية على التحقيق الكامل لبرنامج "مدن بدون صفيح" خلال سنة 2025، مبرزة أن عدد الأسر التي تنتظر المعالجة تقدر بنحو 144.961؛ وأن 2/3 من الظاهرة تتركز في محور الدار البيضاء-القنيطرة.

إحصاء الوكالة الوطنية للتجديد الحضري وتأهيل المباني الآيلة للسقوط (ANRUR) ، سنة 2022، حوالي 32.900 بناية متداعية تستدعي الهدم؛ موضحة أن هناك جهات يتعين أن تحظى بالأولوية لأنها تعرف تركيزا كبيرا لهذا النمط من الأبنية؛ وهي جهات الرباط – سلا - القنيطرة، الدار البيضاء - سطات، سوس - ماسة، مراكش - أسفي، طنجة – تطوان - الحسيمة والعيون - الساقية الحمراء. وتوجد 80 في المئة من الدور الآيلة للسقوط في المجال الحضري، كما أن 42 في المئة منها تقع داخل النسيج العقاري للمدن العتيقة.

ازدياد معاناة السكان، في مناطق مختلفة، من النقص والانقطاعات في التزود بالماء الشروب، ومن افتقار معظم الأحياء الشعبية بالمدن والقرى لأهم التجهيزات والبنيات الأساسية من طرق وإنارة وقنوات الصرف الصحي، وللمرافق والخدمات الحيوية من نقل ومساحات خضراء وفضاءات ثقافية ورياضية؛

انتشار ظاهرة المشردين والذين يعيشون بدون مأوى، خصوصا منهم المصابون بأمراض نفسية، وعدم التوفر على أماكن للإقامة الطارئة مأمونة وحافظة لكرامة هؤلاء...

والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تحيي، هذه السنة، هذا اليوم الدولي تحت شعار "الحق في الأرض ضمانة للحق في السكن اللائق"، إذ تغتنم هذه المناسبة الأممية للتعبير عن تعازيها لضحايا الزلزال وذويهم، ولدعوة الدولة المغربية إلى الإسراع بالتكفل الكامل بهؤلاء الضحايا والمنكوبين وجبر الأضرار التي أصابتهم كما مست مناطقهم، مع الحفاظ على السمات الثقافية المميزة لهذه الأخيرة؛ فإنها تجدد تأكيدها على توصياتها السابقة، والمتمثلة في مطالبة الدولة المغربية بما يلي:

-       الانضمام إلى والتصديق على البرتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتنفيذ التوصيات الأممية ذات الصلة بالحق في السكن اللائق؛

-       اتخاذ كافة التدابير المالية والتشريعية والادارية من أجل تأمين حق جميع المواطنين في الحصول على سكن لائق وآمن، يكون ميسور الكلفة ومضمون الحيازة؛

-       سن قوانين تحمي الحق في السكن وفق المعايير الدولية، وتضمن حقوق السكان في الاستقرار والحماية من التشرد، قبل وأثناء عمليات الإفراغ أو الإخلاء القسري؛

-       الغاء كل القوانين والتشريعات، المستمدة من الظهائر الاستعمارية، التي تحرم أو تحد من حق الجماعات القبلية في التصرف في الأراضي الجماعية الخاصة بها، وفي مواردها وثرواتها، وفي مقدمتها القانون رقم 17-62 المتعلق بالوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها؛

-       وضع حد للمضاربات العقارية، والتفويتات غير المشروعة للأراضي المملوكة "للدولة" وللجماعات القبلية لفائدة مافيا العقار.

المكتب المركزي

الرباط، في 02 أكتوبر 2023.


المزيد حول عام عودة