19/06/2023 15:29
عام
مستجدات الجمعية
بيان الجمعية المغربية لحقوق الانسان
بمناسبة اليوم العالمي للاجئين
يخلد العالم ومعه الحركة الحقوقية والديمقراطية اليوم العالمي للاجئين الذي يصادف 20 يونيو من كل سنة، والذي حددته الأمم المتحدة تكريما للاجئين/ات في جميع أنحاء العالم ومن أجل تسليط الضوء على قوة وشجاعة الأشخاص المجبرين على الفرار من أوطانهم/ن هربا من الصراعات أو الاضطهاد. وقد اختارت الأمم المتحدة هذا العام شعار " الأمل بعيدا عن الديار، من أجل عالم أكثر شمولا للاجئين"، من أجل إيجاد الحلول اللازمة لإدماجهم داخل بلدان الاستقبال، لأن احتواء اﻟﻼﺟﺌﻴﻦ/ات في المجتمعات التي وجدوا فيها الأمان– بعد اضطرارهم/ن للفرار من الصراعات والاضطهاد– يعد الطريقة الأكثر فعالية لدعمهم/ن في مسعاهم/ن لإعادة بناء حياتهم/ن، ولتمكينهم/ن من المساهمة في بلدان الاستقبال. كما أن ذلك يمثل أحد الوسائل لتهييئهم نفسيا وبدنيا من أجل العودة إلى بلدانهم/ن وإعادة بنائها عندما تتسنى لهم/ن الظروف للقيام بذلك بأمان وطواعية، أو تحقيق الازدهار إن أعيد توطينهم/ن في بلدان أخرى.
ويحيي العالم، اليوم العالمي للاجئين، هذه السنة، في ظروف تتسم بمعاناة ملايين البشر الذين حكمت عليهم الظروف لترك موطنهم الأصلي والنزوح والهرب بحثا عن مكان آمن، في محاولة منهم لاستئناف حياتهم من جديد، جراء توسع مناطق النزاعات والحروب، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للعديد من البلدان، بسبب الاستغلال البشع لأراضيهم ونهب خيراتهم وثرواتهم، وجراء كذلك الانتهاك الصارخ لحق الشعوب في تقرير مصيرها وسيادتها على مقدراتها ومواردها، من قبل الدوائر المالية الرأسمالية والقوى الامبريالية المتحالفة مع الأنظمة الرجعية والاستبدادية.
ففي عالم يهيمن فيه العنفُ والنزاعات والحروب، يضطر ملايين الأفراد، أكثر من نصفهم من الأطفال، إلى محاولة الهجرة وطلب اللجوء في بلدان أخرى، خاصة نحو أوروبا عبر البحر المتوسط؛ إلا أن نقص الإمكانات وغياب الطرق الآمنة يضع نهايات مأساوية للمئات منهم، ممن يسلكون تلك الطرق، سنويا. ويفرض على الكثيرين منهم، اللجوء إلى المهربين وتجار البشر والطرق غير الرسمية الخطرة التي تعرض سلامتهم لأخطار هائلة. حيث يفقد في هذه الرحلات المحفوفة بالمخاطر أعداد منهم حياتهم، ويتعرض عدد كبير منهم للمعاملة السيئة والمهينة والابتزاز والعنف الجنسي.
وبالرغم من محاولة أوروبا والدول المتقدمة التركيز على ملف اللاجئين/ات باعتباره يشكل عبئا عليها، إلا أن المفوضية العليا للاجئين تشير إلى أن الدول الفقيرة هي التي تتحمل العبء الأكبر في مواجهة أزمة اللجوء؛ إذ يعيش أكثر من 80 بالمائة منهم/ن في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، في الوقت الذي يتحلل فيه الاتحاد الاوربي ودوله العضوة من التزاماتهم الدولية في حماية اللاجئين/ات؛ حيث عمدت من جهة، إلى اتخاذ اجراءات قانونية واعتماد آليات أمنية مثل وكالة فرونتكس وصرف ملايين الأورووات لمراقبة الحدود الخارجية ومنع النازحين من التوافد إليها؛ ومن جهة، أخرى إبرام اتفاقيات مع دول خارج الحدود من أجل منع اللجوء إليها.
ويحل اليوم العالمي للاجئين هذا العام كذلك ونحن على بعد أربعة أيام فقط من الذكرى الأولى لفاجعة باريو تشينو على الحدود بين الناظور ومليلية المحتلة والتي راح ضحيتها أكثر من 27 من طالبي اللجوء ولم يتم إلى حدود اللحظة محاسبة أي من مرتكبيها، سواء من الجانب المغربي او الإسباني، كما لم يتم التحقيق الجدي في هذه الأحداث المأساوية وهو ما يعتبر ضربا صارخا للحق في معرفة الحقيقة كاملة حول ما وقع يوم 24 يونيو 2022 ،عوض تحميل المسؤولية للضحايا الذين تم سجن بعضهم بتهم مفبركة وإصدار أحكام قاسية في حقهم وتشريد الباقين داخل مختلف مناطق المغرب. ومن جهة ثانية استفاق العالم على فاجعة إنسانية أخرى بعد غرق مركب في اليونان كان على متنه أكثر من 650 طالب/ة لجوء بسبب محاولة السلطات اليونانية إبعاده عن مياهها الإقليمية حسب العديد من المنظمات الحقوقية، حيث لم تتمكن فرق الإنقاذ سوى من إغاثة 100 شخص في حين لقي أكثر من 80 شخصا آخرين حتفهم ولا زال الباقون في عداد المفقودين، وهو ما نعتبره جريمة أخرى بحق طالبي/ات اللجوء يتحمل مسؤوليتها الاتحاد الأوربي ودوله العضوة.
ومن ناحية أخرى، فإن سياسات دول الاتحاد الاوربي في مجال الهجرة واللجوء، طالت كذلك حقوق المواطنين المغاربة طالبي اللجوء عندما صنف بعض أعضائه، المغرب ضمن ما يسمى بالدول "الآمنة"، والذي بموجبه يتم ارجاعهم إلى البلد، في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع المدني من الحصار والمنع، ويعاني فيه العديد من المواطنات والمواطنين من التضييق على حرياتهم الفردية والجماعية، أو يتعرضون للمضايقة بسبب معتقداتهم الدينية او توجهاتهم الجنسية المختلفة.
وفي بلادنا تخلد الحركة الحقوقية المغربية اليوم العالمي للاجئين، فيما تستمر الدولة في تنكرها لحق اللجوء، المنصوص عليه في اتفاقية جنيف لسنة 1951، التي صادق عليها المغرب؛ إذ لا زالت متمادية في عدم إقرار قانون للجوء وفي عدم سن نظام للجوء، وحرمان المعنيين من الضمانات اللازمة لحماية حقوقهم الأساسية؛ سواء على المستوى التشريعي، أو على مستوى الواقع، حيث لا توفر لهم/ن الحماية اللازمة، في تنصل سافر من مسؤولياتها.
إننا في المكتب المركزي إذ نؤكد على أن حماية اللاجئين واحترام حقوقهم الأساسية، هو واجب والتزام دولي وإنساني يجب على جميع الدول التقيد به، ومعالجة قضايا اللجوء بعيدا عن المقاربة الأمنية الصرفة، التي لم تنتج عنها سوى المآسي، واحترام الحقوق المتضمنة في اتفاقية جنيف، فإننا نطالب ب:
- وضع حد لكل أشكال النهب والاستغلال لثروات الشعوب ومعالجة إشكالات الهجرة واللجوء المرتبطة أساسا بضرورة سيادة الديمقراطية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليها كونيا، وبالقطع مع الأساليب الجديدة والقديمة للاستعمار والهيمنة؛
- تحمل دول الاتحاد الأوربي لمسؤولياتهم اتجاه اللاجئين ووقف كل أشكال العسكرة للحدود وتوفير بنيات للاستقبال تتوفر فيها كل الشروط الضرورية فوق أراضيها، والكف عن تصدير ملف اللجوء لدول أخرى، والتراجع عن التصنيف الذي خصت به بعض البلدان باعتبارها "آمنة"، مع معالجة كل ملفات اللجوء بغض النظر عن بلد قدوم طالبي/ات اللجوء، مع ضرورة تقاسم المسؤولية العالمية بين جميع الدول وفقا للالتزامات المحددة بدقة في القانون الدولي؛
- تبني سياسة اللجوء تعتمد المقاربة الإنسانية والحقوقية، بعيدا عن الاستغلال السياسوي لمآسي اللجوء من أجل الحصول على امتيازات أو مصالح انتهازية، ووقف تجريم الهجرة واللجوء والتضييق على المدافعات والمدافعين عن حقوق المهاجرين/ات واللاجئين/ات؛
- قيام المفوضية السامية للاجئين بدورها في مراقبة مدى حماية الدولة المغربية لحقوق اللاجئين/ات وطالبي/ان فوق أراضيها ووضع حد لتقاعسها في متابعة وضعيتهم/ن والانتهاكات الخطيرة التي يتعرضون/ن لها من طرف السلطات المغربية؛
- معالجة كل طلبات اللجوء وفي آجال معقولة وحماية أصحابها من كل أشكال الانتهاكات والخروقات ومن الطرد والتعسف؛
- تمكين اللاجئين/ات من حقوقهم/ن الأساسية كما هو منصوص عليه في اتفاقية جنيف بما فيها الحق في العمل، السكن، التعليم، المساعدات، ممارسة الطقوس الدينية، الحصول على بطائق هوية البلد المضيف ووثائق السفر والحق في التنقل... ؛
- إنهاء احتجاز الأطفال الذين يسعون للحصول على اللجوء أو الهجرة، وتمكينهم من الوصول للخدمات الصحية والدراسية.
المكتب المركزي
19 يونيو 2023