20/02/2023 10:57
عام
ملفات صحفية
بيان الجمعية المغربية لحقوق الانسان بمناسبة
اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية وذكرى حركة 20 فبراير
يحتفل المنتظم الأممي، هذه السنة، باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي يصادف يوم 20 فبراير من كل سنة، تحت شعار "التغلب على العوائق وإطلاق العنان لفرص العدالة الاجتماعية"، وهو اليوم نفسه الذي انطلقت فيه حركة 20 فبراير بالمغرب سنة 2011، تحت شعارات تتمركز جلها حول المطالبة ب "الكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية"، وتستنكر "فساد الدولة" و"الاستغلال والاستبداد" و" نهب الثروات".....
وإذا كانت الأمم المتحدة تهدف من خلال تخليد هذه الذكرى، التي أنشئت منذ 2008، إلى حث الدول على توفير الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة والسكن، وعلى التوزيع العادل للثروات واستفادة كل أفراد المجتمع من النماء الاقتصادي وتوفير العمل اللائق والقضاء على كل مظاهر الفقر والهشاشة والحد من الفوارق الاجتماعية، فقد شاءت السياسة العمومية المتبعة في بلادنا إلا أن تجر البلاد الى أزمة خانقة وتزج بها في مستنقع المآسي على جميع المستويات:
1- ففي المجال الاقتصادي والاجتماعي، ورغم ارتفاع مداخيل الفوسفاط وعائدات المغاربة المقيمين بالخارج وانتعاش القطاع السياحي .... فإن الزيادات المهولة وغير المسبوقة في أثمان المحروقات وكل المواد الأساسية والغدائية كاللحوم والخضر وغيرها، أدى، من جهة، إلى توسيع دائرة الفقر المدقع واندحار الطبقة الوسطى إلى حقل الهشاشة، ومن جهة أخرى، إلى تمركز وارتفاع مهول في ثروات فئة قليلة من محتكري سلطتي السياسة والمال والمستفيدين من اقتصاد الريع ومن الاستحواذ على أسواق المحروقات والمناجم ومن خوصصة الأراضي ومنابع المياه المعدنية، ومن الاستيلاء على الفوائد الناجمة من تسليع الخدمات الاجتماعية وخاصة في قطاعي الصحة والتعليم،
2- وعلى مستوى الحقوق المدنية و السياسية، ارتفعت وتيرة التضييق على الحقوق والحريات وقمع الحق في الاحتجاج والتظاهر السلميين، وتشديد الخناق على الحق في حرية الرأي والتعبير والحق في التنظيم… واستهدف ممارسو هاته الحقوق، أو المطالبون بها، بالاعتقالات والمتابعات والإدانات السالبة للحرية، وانتشرت ظاهرة الفساد في الأوساط التي تدبر الشأن العام، وعلى أعلى مستويات/هرم السلطات العمومية؛ والأمثلة كثيرة على ذلك: كاختلاس 17 مليار درهم التي تناولها في تدخلاته أمين عام أحد الأحزاب السياسية، والذي حين تحمل حقيبة وزارة العدل، أمسك عن ذكر هذه الفضيحة كما سماها من قبل، ولازالت بعض وسائل الإعلام تثيرها بين الحين والآخر دون أن تشكل لأصحابها أي حرج يذكر، والفضيحة التي تفجرت مؤخرا بالمحاكم الأوروبية حول الاشتباه في ارتشاء بعض البرلمانيين الأوروبيين بوساطة مغربية ، ناهيكم عن استفحال ظاهرة التجسس على الحياة الخاصة للمواطنين والمواطنات في خرق سافر لكل القوانين والمواثيق والعهود الدولية والأخلاق المتعارف عليها والمفروض التحلي بها من لدن أي مسؤول يحترم نفسه، كما يتم تعبئة وتسخير بعض وسائل الإعلام المشبوه، التابعة للأجهزة الأمنية من أجل المساس بسمعة المعارضين والصحفيين الأحرار والمدافعين/ات على حقوق الإنسان وتقديم صورة مشوهة للرأي العام مفعمة بالكذب ومعززة بقواعد الافتراء في محاولة لتوجيهه من أجل الإدانة القبلية لهؤلاء المعارضين وفي إطار التهيئ لحملات الاعتقال والمحاكمات بواسطة قضاء موجه ومسخر وفاقد للاستقلالية....،
3- ونتيجة لهذه السياسات العمومية المتبعة ازداد تقهقر وضع المغرب في المؤشرات الدولية إلى مستويات متدنية؛ كما هو الحال بالنسبة للتنمية البشرية حيث انتقل من احتلاله المرتبة 122 سنة 2021 الى المرتبة 123 سنة 2022 من ضمن 197 دولة، وفي مؤشر الديمقراطية، احتل المرتبة 95 من بين 165 دولة معترف بها من طرف الأمم المتحدة، وانتقل من المرتبة 87 التي كان يحتلها سنة 2021 الى الصف 94 قي مؤشر إدراك الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية كل سنة في تقرير يشمل 180 دولة .... أما فيما يخص المؤشرات الوطنية فأكيد ستكون صادمة إذا ما تم الكشف عن حقيقة الأرقام الخاصة بالفقر والهشاشة والبطالة والأمية وغيرها، التي قد تصل مستويات قياسية غير مسبوقة، وهو ما أدى الى تعميق أزمة الثقة بين المجتمع والمؤسسات؛ الأمر الذي كشفت عنه دراسة أجراها مكتب الدراسات لمجلس النواب، تم تقديمها يوم 8 فبراير 2023 حول " القيم و تفعيلها المؤسسي: تغييرات وانتظارت لدى المغاربة"، حيث أوضحت أن 80% من المغاربة غير راضين عن الخدمات المرتبطة بالإدارات العمومية، وأن 74% مستاؤون من الخدمات الصحية، وأن 55% لا تثق في الإدارة و50% لا يثقون في السلطة القضائية و70% من المواطنين/ات لا يثقون في القنوات التلفزية العمومية....
وبناء على ما سبق، واستنادا إلى الواقع وما ينطق به من حقائق لا يمكن إخفاؤها بالافتراء والتدليس وبالإجماعات المفبركة والموجهة، فان المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، يسجل ما يلي:
ü يطالب المسؤولين، من مختلف السلطات والمواقع بالتخلي عن سياسة الآذان الصماء، والالتزام بالتفاعل وبالرد على شكاوى ومذكرات ورسائل وبيانات وبلاغات الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وعلى مطالب الحركة الحقوقية والديمقراطية عامة، والأخذ بالجدية اللازمة قضايا المواطنين/ات، والانصات لنبض الشارع .... وفقا لبنود الدستور والمواثيق الأممية لحقوق الإنسان وتفعيلا لمضامين المرسوم رقم 2.17.265 الصادر بتاريخ 23 يونيو2017، المتعلق بتحديد كيفيات تلقي ملاحظات المرتفقين واقتراحاتهم وشكاياتهم وتتبعها ومعالجتها؛
ü يتساءل حول مسؤولية النيابة العامة في عدم المبادرة إلى فتح التحقيق في جميع القضايا المخالفة للقوانين التي تصل إلى علمها، في حين تسارع إلى تحريك المتابعة حين يتعلق الأمر بالمعارضين/ات والمدافعين/ت عن حقوق الانسان، بينما تتغاضى عنها في حالة شبهة الفساد واختلاس المال العام من طرف كبار المسؤولين؛ منها ما جاء في تصريح السيد عبد اللطيف وهبي، قبل أن يعين وزيرا للعدل، حول اختلاس 17 مليار وتصريح السيد فوزي لقجع، الوزير المنتدب لوزارة المالية والاقتصاد المكلف بالميزانية ، فيما يخص بيع التذاكر أثناء مباريات كأس العالم بقطر، وفضائح التجسس والتورط في الوساطة في دفع الرشاوى إلى بعض البرلمانيين الأوروبيين، وتفويت الأراضي لما سمي بخدام الدولة بطرق غير شرعية....؟،
ü يستغرب من القرار القاضي برفع الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة عن الأبقار المستوردة من أجل الذبيحة بحجة وضع حد لارتفاع أسعار اللحوم الحمراء وتمويل السوق الداخلية بما يكفي منها، في حين لم يتم اتخاذ نفس الإجراء فيما يتعلق بالمحروقات.!! ؟، وكيف يتم الدوس على مصالح صغار الفلاحين والكسابين البسطاء والحفاظ على منافع وامتيازات أصحاب السلطة والمال؟، علما أن أغلب سكان المناطق الجبلية لا يعيش معضمهم إلا من تربية الأغنام والمعز والأبقار، وهم أكثر معاناة، من ضيق الحال و قساوة المناخ ومن انعدام أي حماية اجتماعية أو أي دعم يذكر؛
ü يذكر بالمطالب الواردة في المذكرة، المشتركة بين الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لمحاربة الرشوة والفساد، ترانسبرانسي، والفضاء الجمعوي، الخاصة بقانون المالية 2023 والموجهة إلى كل من رئيس الحكومة ورئيسي مجلسي النواب والمستشارين وممثلي الفرق البرلمانية وممثلي النقابات، وخاصة في جزئها المتعلق بإرساء نظام ضريبي على الثروة والممتلكات غير المنتجة وإعفاء المحروقات من الضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهلاك وتقليص هامش الربح العائد لتجارها وإعطاء الأولوية في صرف الميزانية للمناطق القروية والجبلية وضواحي المدن لتقليص الفوارق المجالية وتوجيه الاستثمارات العمومية في القطاعات الاجتماعية والتراجع عن خوصصتها و تسليعها....؛
ü يدعو إلى القطع مع سياسة الانتقام التي تنهجها السلطات الأمنية في مواجهة الصحفيين/ات والمدونين/ات والمدافعين/ت على حقوق الإنسان...، والى عدم استخدام القضاء وتسخيره والتخلي عن الأساليب الهجينة في صناعة إعلام تابع، يعمل تحت الطلب، لإسكات الأصوات الحرة التي لا ذنب لها سوى التعبير عن رأي أو موقف يفضح ويستنكر الظلم والفساد، ويعتبر هذه الأساليب والممارسات هي المصدر الحقيقي لتشويه سمعة البلاد ولاحتلالها المراتب المتأخرة بين الأمم في مجال احترام حقوق المواطنين /ات؛
ü يعيد التذكير بالمطلب الشعبي القاضي بالإفراج الفوري عن كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي من صحفيين ومدونين ومعتقلي الحراكات الاجتماعية وعلى رأسهم من تبقى من معتقلي حراك الريف ووقف مسلسل التضييقيات والاعتقالات والمتابعات في حق كل الممارسين لحقهم المكفول لهم دستوريا ودوليا في التعبير والاحتجاج السلمي.
المكتب المركزي
بتاريخ 20 فبراير 2023