30/04/2024 12:56
عام
مستجدات الجمعية
تصريح الجمعية بمناسبة العيد الأممي للشغل فاتح ماي 2024
الذي تحييه تحت شعار: " نضال وحدوي لصد الهجمة الشرسة ضد الحق في العمل النقابي والإجهاز
على الحقوق الشغلية، ولمواجهة الاستغلال والاستبداد وقمع الحريات وقطع الأرزاق ".
تخلد الطبقة العاملة عبر العالم، يوم فاتح ماي 2024، عيدها الأممي على إيقاع ما تقوم به آلة الحرب الصهيونية من إبادة للشعب الفلسطيني في غزة وتدمير لكل مقومات الحياة فيها، بمشاركة مباشرة من الإمبريالية الأمريكية وحلفائها الغربيين؛ فيما تجد الطبقة العاملة المغربية نفسها في مواجهة أوضاع تنذر بالمزيد من تدهور أحوالها، وباستمرار الهجوم على حقوقها ومكتسباتها؛ بفعل السياسات المغرقة في الليبرالية المنتهجة من قبل الحكومات المتعاقبة، التي ما برحت تعمل بشتى السبل على التقويض الشامل للحقوق الشغلية وتجريم الحريات النقابية وتجريف وتقزيم ما فضل من الخدمات الاجتماعية الأساسية؛ مستفيدة في ذلك مما تؤمنه الظرفية الدولية من فرص للمضي قدما في حل الأزمات الاقتصادية والمالية المستحكمة في النظام الرأسمالي، على حساب العمال وعموم المأجورين لا سيما في دول ما يسمى بالجنوب، مع ما يغذي ذلك من حروب ونزاعات، ويتسبب فيه من كوارث بيئية وجوائح صحية؛ وهي الظرفية التي لطالما قامت الدولة باستغلالها لمواصلة سياسة القمع والترهيب، ومصادرة أهم الحقوق والحريات الأساسية.
وقد اختارت الجمعية أن تحيي هذا اليوم تحت شعار: "نضال وحدوي لصد الهجمة الشرسة ضد الحق في العمل النقابي والإجهاز على الحقوق الشغلية، ولمواجهة الاستغلال والاستبداد وقمع الحريات وقطع الأرزاق"؛ ادراكا منها لخطورة الانتهاكات التي تتعرض لها حقوق العمال والعاملات، وجسامة ما تشهده الحريات النقابية من تضييق وتقييد ومحاربة، خصوصا الحق في الإضراب، الذي تتهيأ الدولة لتمرير القانون الخاص به، والذي أضحت ممار سته، بما في ذلك داخل الوظيفة العمومية، تعرض صاحبها للتوقيف والحرمان من الأجرة والعرض على المجالس التأديبية، فضلا عن الاقتطاعات والاستفسارات وغيرها مما أصبح العمل به جاريا داخل قطاع التربية والتعليم على سبيل المثال لا الحصر؛ ووعيا منها بأنه لا سبيل لوقف الخوصصة المقنعة أو المعلنة للقطاعات العمومية والشبه عمومية وتسليع خدماتها، والحد من مسلسل القضم المتواصل للحق في التقاعد، والإجهاز على القدرة الشرائية الناجم عن غلاء المعيشة وارتفاع الأثمان وتجميد الأجور، إلا بالعمل الوحدوي للنقابات العمالية المناضلة، والتنسيقيات الفئوية، والحركات الاجتماعية وسائر القوى المدافعة عن الحقوق الشغلية.
وفي هذا الإطار فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تستغل مناسبة فاتح ماي للتعبير عن تشبثها بشبكة تقاطع للحقوق الشغلية بروافدها المحلية والوطنية والقطاعية، بوصفها إحدى لبنات الجبهة النقابية والاجتماعية التي يجب أن تعمل على تقويتها مختلف مكونات الحركة النقابية والحقوقية والسياسية والمدنية، فيما يقوي نضال الشغيلة المغربية؛ وتدعو لاتخاذ المبادرات الكفيلة بالمزيد من التقوية لفروع وشبكات الجبهة الاجتماعية المغربية، باعتبارها من آليات التصدي الجماعي للقمع السياسي والقهر الاجتماعي، ومن أدوات النضال الوحدوي لفرض احترام الحريات والحقوق الأساسية التي تضمنها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
والجمعية وهي تطمح إلى تجسير العلاقات بين الحركة النقابية العمالية والحركة الحقوقية وحركة المعطلين وعموم الحراكات الاجتماعية الناهضة محليا ووطنيا، التي تغرف من معين الرصيد الكفاحي لحركة 20 فبراير؛ وذلك دفاعا عن الحقوق الشغلية وتعزيزا للنضال من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية وكافة حقوق الإنسان؛ فإنها تطالب بالإفراج الفوري عن معتقلي الحراك الشعبي في الريف، وغيرهم من معتقلي الرأي والصحافة ومناهضي التطبيع وفاضحي الفساد، والمعتقلين السياسيين، وإسقاط المتابعات وإلغاء المحاكمات الجارية في حق النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي، وبالحركة الحقوقية والاجتماعية، وإبطال التوقيفات الإدارية والمالية الأخيرة المتخذة في حق نساء ورجال التعليم على خلفية الإضراب البطولي الذي عرفه قطاع التربية والتعليم.
وانطلاقا من رصدها للحالة التي توجد عليها أوضاع الحقوق الشغلية ببلادنا، إن على مستوى التشريع أو على صعيد الواقع، فإن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تسجل ما يلي:
فيما يخص التصديق على النصوص الدولية المتعلقة بالحقوق الشغلية: لم يصدق المغرب، لحد الآن، سوى على أقل من الثلث من ضمن حوالي 190 اتفاقية شغل دولية، صادرة عن منظمة العمل الدولية. وبهذا الخصوص تلح الجمعية على وجوب تصديق بلادنا على مجمل هذه الاتفاقيات الجاري العمل بها؛ ومنها ما يتطلب التصديق الفوري، كالاتفاقية رقم 135 بشأن "توفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال في المؤسسات"، والاتفاقية رقم 87 حول "الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي"، التي التزمت الحكومة، في إطار الحوار الاجتماعي، بالمصادقة عليها، يوم 26 أبريل 2011، مستغربة من كون الاتفاقات الأخيرة جاءت خالية من أي ذكر للمصادقة عليها.
أما بالنسبة لقوانين الشغل ببلادنا، فتسجل الجمعية أن مقتضيات الدستور المتعلقة بالحقوق الشغلية تظل ضعيفة، وأن مدونة الشغل، والمراسيم التطبيقية المرتبطة بها، رغم تضمنها لعدد من المكتسبات الجزئية، تشوبها سلبيات كبرى على مستوى المقتضيات المتعلقة؛ سواء باستقرار العمل، أو بالأجور، أو بمكانة ودور النقابة داخل المقاولة، أو عبر تكريسها للحيف ضد العمال الزراعيين؛ هذا علاوة على أن الإجراءات الزجرية المعتمدة فيها غير كافية للحد من انتهاكات المشغلين لقوانين الشغل؛ إضافة إلى حرمان بعض الفئات (القضاة، موظفو الأمن والجمارك والسجون والمياه والغابات، المتصرفون بالجماعات المحلية والداخلية...) من حقهم في التنظيم النقابي.
وإذ تثير الجمعية الانتباه إلى المحاولات الجارية لتعديل مدونة الشغل، في اتجاه تكريس المزيد من هشاشة الشغل، من خلال التراجع عن آخر ضمانات استقرار العمل (المادة 16 وغيرها)؛ فإنها تعبر عن استنكارها لصمت الحكومة، وانحياز السلطات المحلية والقضاء إلى جانب المشغلين، الذين يمارسون انتهاكات صارخة لمقتضيات المدونة، مع ما ينتج عنها من تدهور كبير للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للعمال والعاملات وأسرهم، وتدعو إلى ملاءمة مدونة الشغل وباقي التشريعات الاجتماعية مع المعايير الدولية للشغل الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ومنظمة العمل الدولية؛ في نفس الوقت الذي تنادي فيه بإقرار دستور ديمقراطي، يضمن حقوق الإنسان بصفة عامة، والحقوق الأساسية للعمال بصفة خاصة، ويرسي آليات إعمالها، وينص على دور الدولة كضامن لهذه الحقوق.
كما تعتبر الجمعية أن الضغط على النفقات والاستثمار العموميين في قوانين المالية، عبر تجميد أجور الموظفين، وتقليص مناصب الشغل المحدثة، والنقص في ميزانيات القطاعات الاجتماعية، مع الرفع من نسبة الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة والضريبة الداخلية على الاستهلاك، ينعكس على الإنفاق الأسري وعلى الصفقات العمومية الموجهة للمقاولات الصغرى، وبالتالي يزيد من تعميق البطالة وهشاشة الشغل.
وفيما يرتبط بالإجراءات القانونية المتعلقة بالحريات النقابية، فإن الجمعية تجدد مطلبها بإدماج مقتضيات اتفاقية الشغل الدولية رقم 135 حول توفير الحماية والتسهيلات لممثلي العمال بشكل جدي في مدونة الشغل. وتطالب بإلغاء كل المقتضيات المعرقلة للحق في الإضراب وللحريات النقابية، وفي مقدمتها الفصل 288 من القانون الجنائي، والذي تم الاحتفاظ به في مسودة مشروع القانون الجنائي، والفصل الخامس من مرسوم 5 فبراير 1958 بشأن مباشرة الموظفين للحق النقابي. كما تطالب بتقوية الضمانات الكفيلة بحماية واحترام الحق في الإضراب معبرة عن رفضها لأي مشروع قانون تنظيمي في الموضوع يستهدف تكبيل هذا الحق.
وعلى صعيد واقع الحقوق الشغلية تسجل الجمعية أن الحق في العمل، وفي الحماية من البطالة، والتعويض عنها وعن فقدان الشغل، رغم أنها من الحقوق المضمونة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، فإنها ما فتئت تنتهك بشكل سافر وباستمرار في بلادنا، التي تضم ملايين المحرومين من العمل القار، بمن فيهم مئات الآلاف من الشباب ذوي المستويات الجامعية والحاملين للشهادات التقنية والهندسية، ولشهادات الإجازة والماستر والدكتوراه وغيرها من الشهادات العليا.
وبهذه المناسبة تعبر الجمعية عن تضامنها التام مع كل فئات المعطلين في نضالهم المشروع من أجل الحق في الشغل، وتطالب الحكومة بوضع سياسة اقتصادية واجتماعية تضمن الشغل والكرامة للجميع، وبالاعتراف القانوني الصريح بالجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، ونهج أسلوب الحوار الجاد والمسؤول معها ومع سائر هيئات المعطلين/ت، بدل قمع مسؤوليها ومناضليها وتلفيق التهم لهم والزج بهم في السجن. كما تطالب باحترام حق الاستقرار في العمل بالنسبة لسائر الأجراء، وبإرجاع العاملات والعمال المطرودين، ضدا على الحق والقانون، إلى عملهم، وفي مقدمتهم ضحايا الاعتداء على الحريات النقابية.
وتجدد الجمعية تضامنها مع الآلاف من عضوات وأعضاء "التنسيقية الوطنية للأساتذة وأطر الدعم الذين فرض عليهم التعاقد"، والذين يخوضون معارك قاسية من أجل الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية، وتدين مختلف أشكال القمع الذي يتعرضون له؛ سواء أثناء تنظيم مسيراتهم السلمية أو من خلال الإجراءات الإدارية التعسفية وتوقيف الأجور...؛ وتطالب الحكومة بالإسراع بالتفاوض مع ممثلي هؤلاء الأساتذة والأستاذات، وبتحسين الأوضاع المادية وظروف العمل لكافة أسرة التعليم، تماشيا مع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لسنة 1966، المتعلقة بأوضاع المدرسين؛ وذلك بما يضمن حقوقهم وحقوق التلاميذ في تعليم عمومي جيد.
وبشأن الحريات والحقوق النقابية، تسجل الجمعية استمرار وتصاعد الخروقات السافرة في هذا المجال، والمتجسدة أساسا في الاقتطاع من أجور الموظفين/ات المضربين عن العمل، وفي الممارسات التعسفية ضد النقابيين، وفي امتناع السلطات المحلية عن استلام ملفات التصريح ورفض تسليم وصول الإيداع للعديد من النقابات العمالية، ورفض الاعتراف بالمكاتب النقابية والحوار معها من طرف المشغلين، وطرد المسؤولين النقابيين والعمال والعاملات المضربين، بل واعتقالهم ومحاكمتهم في العديد من الحالات، وإغلاق المعامل خارج إطار القانون للتخويف من العمل النقابي.
كما تسجل الجمعية غياب تفاوض جماعي في أغلب المقاولات والقطاعات، كون الحوار الاجتماعي ظل شكليا وعقيما، بينما ظلت العديد من الالتزامات السابقة، بما فيها المتضمنة في اتفاق 26 أبريل 2011 بين الحكومة وممثلي المركزيات النقابية والمشغلين دون تنفيذ، ولم تعرف العديد من المطالب المشروعة للأجراء والأجيرات الاستجابة المطلوبة.
وفيما يتصل بالحق في الأجر العادل والمرضي، الذي يكفل للفرد وأسرته عيشة لائقة بكرامة الإنسان، تسجل الجمعية أن الحد الأدنى للأجور علاوة على تعدد مستوياته، فهو لا يضمن بتاتا الحياة الكريمة؛ ناهيك عن عدم تطبيقه بالنسبة لأغلبية المؤسسات الصناعية والتجارية والفلاحية والخدماتية، بما فيها المتعاقدة مع بعض الإدارات والمؤسسات العمومية. ولقد سبق للجمعية أن سجلت إيجابية التزام الحكومة في إطار اتفاق 26 أبريل 2011 بتوحيد الحد الأدنى للأجور في الفلاحة والصناعة في ظرف 3 سنوات، إلا أنها أخلت بهذا الالتزام لحد الآن.
والجمعية إذ تعتبر أن الزيادة المعلنة في الأجور، تبقى قاصرة عن تحقيق العيش الكريم للأجراء ولعائلاتهم. وتأسف لكون الاتفاق المذكور يتضمن تراجعا عن التزام الحكومة بتوحيد الحد الأدنى للأجور في القطاعين الصناعي والفلاحي.
كما تسجل الجمعية أن الزيادات المتتالية في أثمان المواد والخدمات الأساسية والمخططات الهادفة إلى تصفية صندوق المقاصة تؤدي بدورها إلى مزيد من تردي الأوضاع المعيشية للأجراء وعموم المواطنات والمواطنين. وبهذه المناسبة تؤكد الجمعية دعمها لنضالات المواطنات والمواطنين لمواجهة ارتفاع الأثمان ــ في ظل جمود الأجور والمداخيل ــ وللدفاع عن الخدمات العمومية وعن سائر الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتحيي عاليا مجهودات الجبهة الاجتماعية المغربية ومكوناتها على نضالاتها ضد ارتفاع مستوى المعيشة ومن أجل العدل والمساواة.
وتستنكر الجمعية غياب شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل وتنامي حوادث الشغل المميتة، التي يذهب ضحيتها العديد من العمال بين قتلى ومعطوبين نتيجة نقلهم الجماعي، على مرأى من السلطات، إلى المعامل والضيعات في شاحنات وعربات، خاصة بنقل البهائم والبضائع، تفتقر لأبسط شروط السلامة؛ وتطالب بالإسراع بفتح تحقيق شامل، بمشاركة ممثلي العمال، في مثل هذه الحوادث ومتابعة المسؤولين عنها، وإلزام المشغلين بتوفير وسائل نقل تستجيب للمقاييس والمعايير المعمول بها في المجال.
وبشأن الحقوق العمالية الأخرى، التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية واتفاقيات منظمة العمل الدولية، كالحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي، والحق في الراحة وفي أوقات الفراغ، والحق في تحديد معقول لساعات العمل، وعطل دورية مؤدى عنها، وظروف عمل مأمونة وصحية، وحق كل إنسان في الضمان الاجتماعي، وبشكل خاص حقه في الصحة وفي تأمين معيشته في حالات البطالة والمرض والعجز والترمل والشيخوخة، وحقوق المرأة العاملة وحقوق الأطفال وحقوق اليافعين المجبرين على العمل، فهي الأخرى لا زالت تعرف انتهاكات متعددة من طرف المشغلين والدولة، خصوصا في ظل الخصاص في الموارد البشرية والمادية لمفتشيات الشغل، وتجميد الآليات القانونية لحل نزاعات الشغل وضمنها اللجان الإقليمية للبحث والمصالح، وضعف صلاحياتها وسلطتها أمام أرباب العمل .
وتسجل الجمعية استمرار عدم تكافؤ أجر العاملات في بعض القطاعات مع أجور العمال، ناهيك على تعرضهن للاستغلال في شروط لا إنسانية. كما أن استمرار تشغيل الأطفال في سن مبكر ــ 16 و17 سنة في القانون الجديد المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعمال المنزليين ـ وبشكل خاص بالنسبة للفتيات الصغيرات العاملات في البيوت، خلال فترة انتقالية لمدة 5 سنوات من دخول القانون حيز التنفيذ، يشكل إحدى الانتهاكات الخطيرة لحقوق الطفل ببلادنا التي لا تجري متابعة المسؤولين عنها، بمن فيهم السماسرة والوسطاء.
ويمثل عدم تطبيق مقتضيات مدونة الشغل، على علاتها، كنتيجة لسياسة الإفلات من العقاب، أبرز انتهاك لحقوق العمال في الفترة الحالية.
إن الحكومة التي اعترفت منذ سنة 2006 بأن قانون الشغل على علاته، لا يطبق إلا في 15% من مؤسسات القطاع الخاص التي يفوق عدد عمالها 50 أجيرا، بدل أن تتخذ الإجراءات القانونية ضد المشغلين الذين لا يحترمون القانون، أصدرت ما سمي بالمخطط الوطني للملاءمة، الذي يدعو صراحة إلى تأجيل تطبيق قانون الشغل بأغلب المقاولات. وحتى بعد انتهاء مدة تطبيق هذا المخطط لازالت مدونة الشغل عرضة للانتهاك بشكل صارخ في أغلب القطاعات، في غياب المساءلة وإفلات منتهكيها من العقاب. والجمعية التي انتقدت بشدة هذا المخطط تدعو إلى التقيد الصارم بمقتضيات التشريع المحلي للشغل على علاته، وبمعايير الشغل الدولية عموما.
أما بالنسبة للحق في التغطية الصحية للعمال ولذويهم، فإن الجمعية تسجل الأوضاع المزرية بهذا الخصوص بسبب حرمان، دام سنوات، لجزء كبير من الأجراء والعاملين في العديد من المقاولات، وبالحرف والصناعة التقليدية، وبالقطاع غير المهيكل والمعطلين من تلك التغطية، وتراجع دور الدولة في مجال الخدمات الصحية والثغرات التي تعتري نظام المساعدة الطبية للفئات المعوزة؛ علاوة على ما تعرفه التعاضديات من اختلالات وسوء التسيير.
والجمعية إذ تجدد استنكارها لتقاعس الدولة إزاء المسؤولين عن سوء التسيير ونهب الأموال وتبديدها بمؤسسات الأعمال الاجتماعية عموما، تعتبر أن القرار المشترك بين وزير الشغل ووزير الاقتصاد والمالية، بتاريخ 04 أكتوبر 2019، القاضي بإسناد السلطات المخولة للمجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بالمغرب إلى متصرفين مؤقتين، استجابة لمطالب العديد من النقابات والهيئات المدنية والحقوقية، لا زال يتطلب فتح تحقيق شامل وجدي في الاختلالات المسجلة بهذه المؤسسة الاجتماعية ومتابعة المتورطين فيها أمام قضاء نزيه، واسترجاع الأموال المنهوبة. كما يجب الإسراع بوضع الشروط القانونية والإدارية من أجل تسيير ديمقراطي للتعاضدية العامة بمشاركة ممثلي المنخرطين وذوي الحقوق.
وبدوره، يعرف الحق في التقاعد انتهاكات خطيرة، بسبب حرمان عدد كبير من الأجراءــ ناهيك عن العاطلين ــ من هذا الحق، إما بسبب عدم التصريح بالعمال في صندوق الضمان الاجتماعي، أو بسبب هزالة معاشات التقاعد، التي تظل جامدة رغم ارتفاع كلفة المعيشة. كما أن بعض صناديق التقاعد ــ وخاصة الصندوق المغربي للتقاعد الذي يهم الموظفين والموظفات ــ تعرف اختلالات كبيرة تهدد مستقبل منخرطيها. وترفض الجمعية أن تتم مواجهة تلك الاختلالات على حسابهم، من خلال رفع سن التقاعد، والزيادة في الاقتطاع من الراتب لأجل التقاعد والنقص في المعاش، رغم أن الدولة تتحمل المسؤولية الكبرى فيما آلت إليه وضعية هذه الصناديق.
وبخصوص القضاء، تسجل الجمعية، استمرار تحيز القضاء في النزاعات المعروضة عليه، سواء من خلال الأحكام القاسية الصادرة ضد العمال والنقابيين، أو عبر تجميد محاضر المخالفات المرفوعة من مفتشي الشغل ضد المشغلين الذين ينتهكون قانون الشغل أو إصدار أحكام خفيفة ضدهم، غالبا ما لا يتم تنفيذ جزء كبير منها.
كما تطالب الجمعية بالإسراع بتنفيذ آلاف الأحكام الصادرة لفائدة العمال منذ سنوات عديدة، ومن ضمنها حالات المطرودات والمطرودين تعسفا من معامل النسيج بطنجة ومكناس والرباط وسلا وتماره...، ومن المؤسسات السياحية بورزازات ومراكش، وعمال مطاحن الساحل المعتصمين منذ سنوات أمام وزارة العدل بالرباط...
واستنادا إلى ما سبق، فإن الجمعية تؤكد مطالبتها للسلطات وللمشغلين بالعمل الجاد على إقرار حقوق العمال المتعارف عليها كونيا، دستوريا وتشريعيا وواقعيا، وبالتعامل الإيجابي مع مذكرة الجمعية بشأن المطالب الأساسية الخاصة بالحقوق الشغلية.
كما تعبر الجمعية عن تضامنها مع العمال المهاجرين وكل الأجراء بالمغرب وعبر العالم، الذين يعانون من مختلف أشكال التمييز والاستغلال ويناضلون من أجل احترام حقوقهم الإنسانية، وتحسين أوضاعهم المتردية، ملتزمة بمواصلة مجهوداتها، إلى جانب الحركة النقابية العمالية ببلادنا وحركة المعطلين وسائر القوى الديمقراطية المهتمة بالحقوق الشغلية، لمؤازرة ضحايا انتهاك الحقوق الشغلية، والعمل على حماية تلك الحقوق والنهوض بها بوصفها، جزءا لا يتجزأ من حقوق الإنسان.
وفي الختام، تؤكد الجمعية عزمها على مواصلة دعمها لكل المطالب الرامية إلى إقرار وتعزيز حقوق العاملات والعمال، ومشاركتها الدؤوبة في كل أشكال النضال الوحدوي، التي تروم تقوية الفعل النضالي من أجل اجتثاث الفساد والاستبداد، واستئصال جذور الظلم والقهر، وبناء مجتمع المواطنة، والكرامة، والحرية، والمساواة، والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، الذي تسود فيه كافة حقوق الإنسان.
المكتب المركزي:
الرباط، في 30 أبريل 2024.