27/04/2024 17:57
عام
مستجدات الجمعية
بيان الجمعية المغربية لحقوق الانسان حول تطورات الوضع في السودان
يتعرض الشعب السوداني منذ ما يزيد عن سنة إلى مأساة إنسانية خطيرة بسبب استمرار النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع مما أدى إلى مقتل آلاف المدنيين وتشريد الملايين ونهب الممتلكات وتجنيد الأطفال وسط تعتيم إعلامي وتجاهل للجرائم التي ترتكب يوميا في السودان. فقد أدت الهجمات العشوائية، على مناطق مكتظة بالسكان بما في ذلك على مواقع تأوي النازحين داخلها خاصة في العاصمة الخرطوم وأم درمان وكردفان ودارفور، إلى سقوط الآلاف من القتلى والجرحى وملايين النازحين.
وقد تم الانقلاب على مطالب الشعب السوداني بالديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية سنة 2019، بعد استيلاء الجيش على السلطة فور الإطاحة بالنظام الديكتاتوري لعمر البشير. هذا الجيش الذي وعد بالانتقال نحو الديمقراطية وإرساء الحوار الوطني في أفق تسليم السلطة لحكومة مدنية، قبل الكشف عن نواياه الحقيقية في الاستمرار على نفس منوال ونهج سلفه. ومنذ أبريل 2023 نشب صراع بينه وبين قوات الدعم السريع، وهو ما أدى إلى انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان من طرفي الصراع وأدى ثمنه غاليا المدنيون من النساء والأطفال والرجال على حد سواء، حيث أنهما استخدما أسلحة متفجرة ذات تأثير واسع النطاق، مثل القذائف التي يتم إطلاقها من الطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار والأسلحة المضادة للطائرات وقذائف المدفعية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. بالإضافة إلى قطع الرؤوس والتمثيل بجثامين المواطنات والمواطنين الذين يتم استهدافهم على أساس انتمائهم العرقي.
وعلى سبيل الذكر لا الحصر ففي دارفور، قُتل الآلاف في هجمات شنتها قوات الدعم السريع، والميليشيا العربية المتحالفة معها كما تم تسجيل العديد من هجمات ضد المدنيين في مدينة الجنينة، عاصمة غرب دارفور، مما أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص، معظمهم من قبيلة المساليت الإفريقية. كما ارتكبت قوات الدعم السريع وحلفاؤها عمليات قتل في بلدة مورني وأرداماتا – حيث تم دفن المئات من الجثامين في مقابر جماعية.
وتعرض آلاف الأشخاص للعنف الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب والاغتصاب الجماعي ومحاولة الاغتصاب، خاصة في صفوف النساء والأطفال. ويذكر تقرير للأمم المتحدة أن العديد من عمليات الاغتصاب ارتُكِبت في المنازل والشوارع من قبل أفراد ينتمون لقوات الدعم السريع. ونادرا ما يتم إبلاغ السلطات بالاغتصاب، بسبب الخوف من ردة فعل المجتمع وانعدام الثقة في نظام العدالة والخوف من الانتقام.
ومن جهة أخرى استشهد نفس التقرير بتصريح صادر عن الهيئة الشعبية لدعم القوات المسلحة السودانية، وهي كيان شعبي مؤيد للقوات المسلحة السودانية، يفيد بأنها قامت بتسليح 255 ألف شاب في معسكرات في جميع أنحاء السودان. كما تحدث التقرير عن أن قوات الدعم السريع قامت أيضاً بتجنيد الأطفال من القبائل العربية في دارفور وكردفان، بينما استجابت القبائل الإفريقية، بما في ذلك قبائل الفور والمساليت والزغاوة، لحملات التجنيد التي أطلقتها القوات المسلحة السودانية.
وبسبب هاته الانتهاكات الخطيرة لحقوق الشعب السوداني، التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وفق القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، فقد اضطر أكثر من ثمانية ملايين شخص إلى النزوح، سواء داخل السودان أو إلى البلدان المجاورة وتم منع الوصول للمساعدات الإنسانية في العديد من المناطق. وتفشى انتشار العنف العرقي والتحريض على الكراهية العنصرية وخطاب الكراهية العنصرية، حيث أعربت لجنة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عن قلقها البالغ حيال تفشّي العنف العرقي في السودان منذ اندلاع الأعمال العدائية في15 أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. بالإضافة إلى حالات الاحتجاز التعسفي والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء، التي يُزعم أن القوات المسلحة السودانية والميليشيات المتحالفة معها ترتكبها وتستهدف بصورة أساسية القبائل العربية من دارفور وكردفان على أساس أصلهم العرقي أو القبلي.
إن المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان الذي يتابع، بقلق بالغ، تطورات الأوضاع المأساوية في السودان، إذ يندد بما يتعرض له الشعب السوداني من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محملا المسؤولية الأولى في ذلك لطرفي النزاع المشار إليهما أعلاه، يطالب بالوقف الفوري للحرب والانتهاكات التي تطال المدنيين وبمحاسبة المسؤولين عن هاته الجرائم. ويدعو إلى احترام إرادة الشعب السوداني في تقرير مصيره السياسي والاقتصادي وإقرار دولة مدنية ديمقراطية يتم التداول فيها على السلطة بشكل سلمي عبر انتخابات شفافة ونزيهة، كما أنه يحمل المسؤولية في استمرار هذه الجرائم للمنتظم الدولي الذي يقف متفرجا دون أن يتخذ أي إجراء لوضع حد لمعاناة الشعب السوداني طبقا لما يفرضه القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنسان.
المكتب المركزي
في 27 أبريل 2024