23/03/2024 14:15
عام
مستجدات الجمعية
بيان بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري
"مصادرة الأراضي الجماعية و التهجير القسري ممارسة عنصرية"،
تحيي لجنة المنظمات المغربية لمتابعة التوصيات الصادرة عن اللجنة الأممية للقضاء على التمييز العنصري، إلى جانب الحركة الحقوقية والديمقراطية العالمية، التواقة إلى السلم والحرية والكرامة والمساواة، اليوم الدولي للقضاء على التمييز العنصري، الذي يصادف 21 من كل سنة، كما تم إقراره من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966، احياء لذكرى اليوم الذي أطلقت فيه شرطة نظام الأبارتهايد النار على مواطنين ومواطنات في مدينة شاربفيل بجنوب أفريقيا سنة 1960، خلال احتجاج سلمي ضد قوانين المرور التي فرضها الفصل العنصري وقتلت حينها 69 شخصًا.
والأمم المتحدة إذ تحتفل هذه السنة بنهاية العقد الدولي للمنحدرين من أصل أفريقي، الذي امتد من عام 2015 إلى سنة 2024، وبإعلان هذا اليوم، من سنة 2024، شكلا من أشكال اعتراف المجتمع الدولي بما يعانيه السكان المنحدرون من أصل أفريقي، كفئة تستدعي تعزيز حقوقها الإنسانية وحمايتها، من "إرث العبودية والاستعمار اللذين مازالا يدمران الأرواح ويقللان الفرص، ويمنعان مليارات الأشخاص من التمتع الكامل بحقوق الإنسان والحريات"؛ فان ما يشهده العالم الآن من أحداث وتطورات درامية لدليل على فشل المنتظم الدولي في تحقيق ما تمت برمجته خلال هذا العقد:
1- ففي فلسطين، ثمة إبادة جماعية تجري أمام أنظار كل العالم، ومجازر مروعة ترتكب من طرف الكيان الصهيوني المتعطش لدماء الأطفال والنساء وعموم المدنيين، بالسلاح الأكثر فتكا، وبالتجويع والحصار ومنع دخول الأدوية، وتدمير المنازل والمستشفيات، واعتقال وقتل الأطباء والممرضين والصحافيين، والاستمرار في سياسة مصادرة الأراضي والتهجير القسري الجماعي وسن العديد من القوانين العنصرية. كل هذا الإجرام يتم بدعم من الإمبريالية الأمريكية، وبمباركة من الأنظمة الرجعية بدون خجل ولا ضمير، خصوصا بعد الإعلان عما يسمى "صفقة القرن" العنصرية والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وإنكار حق أهلها في دولتهم المستقلة وفي عودة اللاجئين وفقا للشرعية والقانون الدولي؛
2- وفي الولايات المتحدة الأمريكية يعاني، حوالي 200 مليون شخص، يعتبرون أنفسهم من أصل أفريقي ومعهم العديد من الأجانب والأقليات العرقية والإثنية والدينية، من تصاعد حملات التمييز العنصري والكراهية؛ حيث يتعرضون، بالإضافة إلى التهميش والإقصاء من مختلف المجالات، للعنف وإطلاق النار على المآت منهم من طرف الشرطة. كما يتعرض المهاجرون وطالبو اللجوء القادمون إلى الحدود الأمريكية المكسيكية المعسكرة، إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تتمثل في الاحتجاز لعدة أسابيع في ظروف لا إنسانية ودون رعاية وإبعاد الآلاف منهم إلى المكسيك، في ظروف خطرة؛
3- و بنفس القدر يعاني السكان الأصليون في كل من أفريقيا و أمريكا الجنوبية والشمالية و في آسيا، من مآسي الإقصاء و التهميش و التمييز العنصري، و هي في أمس الحاجة إلى حماية أراضيهم و ثرواتهم و لغاتهم و ثقافتهم و عاداتهم من جشع الأنظمة الامبريالية و أطماع المقاولات العابرة للأوطان، و ذلك وفق المرجعية الدولية لحقوق الإنسان و منها إعلان الأمم المتحدة بشأن الشعوب الأصلية؛
4- وفي أوروبا، أدى انتشار الشعبوية القومية المتطرفة إلى تزايد خطابات العنصرية والتمييز العنصري والكراهية ضد الأجانب؛ خاصة حين حققت أحزاب قومية متطرفة، في بعض البلدان، نجاحا في الانتخابات التشريعية، كما أصبح الأنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي مجالا للاستقطاب ولبث التصريحات المهينة والمسيئة ضد الأجانب، خصوصا المهاجرين المنحدرين من أصل إفريقي، بشطريه الشمالي و الجنوبي، و بالتركيز على ذوي البشرة السوداء، والتحريض على العنف بدافع الكراهية العنصرية أو العرقية أو الدينية؛
5- وبسبب الحروب ومخلفات الاستعمار والاستغلال، يموت الآلاف سنويا من شباب القارة الأفريقية في مياه المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، هربا من الفقر والجوع والقمع الذي يتهدد وجودهم وبحثا عن عيش كريم وعن حرية مفقودة في بلدانهم...، التي تتحكم القوى الإمبريالية في معظمها، بل وتحمي الأنظمة الاستبدادية المتحكمة فيها، وترعاها خدمة لمصالحها وأطماعها الاستعمارية...؛
وأما في ما يخص بلادنا، فعلى الرغم من التزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة، ومنها الاتفاقية الدولية للقضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري، التي تنص على حظر ومناهضة جميع أشكال التمييز أيا كان نوعه أو مصدره، وتأكيدها بمقتضى أحكام الدستور على حظر التمييز والتحريض على العنصرية والكراهية، فإنه لا يوجد تشريع شامل لمكافحته بمختلف صوره، كما أن المغرب لا يتوفر على سياسة وخطة عمل وطنية تهدف إلى منـعه وإلى الحماية منه طبقا لالتزامات المغرب بموجب إعلان وبرنامج عمل دوربان سنة 2001 وكما جاء في توصيات العديد من هياكل الاتفاقيات وفي تقارير نظام الإجراءات الخاصة؛
ورغم الاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية لغة رسمية، فإن القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية المصادق عليه من طرف البرلمان لا يتلاءم بشكل كامل مع المعايير الدولية، ولا يستجيب لانتظارات الحركة الحقوقية والأمازيغية، ولم يضع حدا للتهميش والتمييز؛ سواء في مجال الإعلام أو التعليم من خلال توقيف تدريس الأمازيغية بالعديد من المؤسسات وجعلها اختيارية، أو على صعيد الإدارة والقضاء ومختلف مناحي الحياة العامة،مع الاستمرار في رفض بعض الأسماء الأمازيغية؛
أما فيما يتعلق بالحريات الفردية، فإن اللجنة تسجل استمرار انتهاك الحق في حرية المعتقد، تشريعا وممارسة، عبر التضييق على نشاط العديد من الأقليات الدينية التي تدين بغير الإسلام المالكي، ومنعها من الحق في المجاهرة بدينها وممارسة شعائرها؛
وفي سياق ضغوط الاتحاد الأوروبي على المغرب للحد من تدفقات الهجرة وتجريم الهجرة غير النظامية، لازال المهاجرون واللاجئون وطالبو اللجوء، خصوصا القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، يعانون من مختلف أشكال التمييز العنصريوالوصموالكراهية،ويتعرضون لشتى المضايقات والاعتقال التعسفي والترحيل القسري بعد تدمير ومصادرة ممتلكاتهم؛ وذلك في غياب تشريعات تضمن حماية حقوقهم، طبقا للمعايير الدولية، وخلافا لما وعدت به الدولة، منذ سنة 2013، في سياق إعلانها عن تبني سياسة جديدة للهجرة ترتكز على حقوق الإنسان وتسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين.
وبهذه المناسبة الأممية فإن اللجنة، إذ تدين كل هذه الأوضاع والممارسات، تعبر عن تضامنها مع كل ضحايا التمييز العنصري وكراهية الأجانب عبر العالم، وتطالب بما يلي:
- العمل على احترام وتطبيق الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، وإدماج مقتضياتها في التشريعات الوطنية واعتماد إطار تشريعي شامل لمكافحة مختلف أشكال التمييز ، وتنفيذ توصيات لجنتها الأممية و تلك الصادرة من المقررة الخاصة المعنية بالأشكال المعاصرة للعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب وباقي التوصيات الأممية ذات الصلة، واعتماد استراتيجية وخطة عمل وطنية في هذا المجال؛
- وضع حد للإفلات من العقاب في جرائم الاعتداء العنصري والتحريض على العنصرية والكراهية ضد المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، خصوصا الأفارقة من دول جنوب الصحراء، وتقديم المساعدات لكل الضحايا وضمان وصولهم إلى العدالة؛
- تبني سياسة للهجرة تضع في أولوياتها احترام جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، مع إعادة النظر في سياسة التعاون مع الاتحاد الأوربي في مجال مراقبة الحدود من أجل النظر في الأسباب الحقيقية لإشكالية الهجرة، والإسراع باعتماد قانون جديد خاص بدخول وإقامة الأجانب والهجرة بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبما ينسجم مع الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين لعام 1951ومع كل الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ذات الصلة؛
- اتخاذ كافة التدابير والإجراءات الإدارية والتنظيمية والمالية الضرورية لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية قصد تجاوز التهميش والتمييز الذي تتعرض له وذلك من خلال التنفيذ الفعلي للمقتضيات الإيجابية المنصوص عليها في القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والعمل مستقبلا على تجاوز الثغرات التي تعتري هذا القانون ووضع حد للعراقيل أمام تسجيل اﻷسماء اﻷمازيغية في الحالة المدنية؛
- الشروع، دون أي تماطل أو تمديد، في إعمال الملاحظات الختامية والتوصيات الصادرة عن لجنة القضاء على التمييز العنصري الواردة في الفقرتين 14(أ) و(ب) الخاصة "باعتماد خطة عمل وطنية جديدة بشأن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتضمينها مكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب والتعصب"؛ وفي الفقرتين (أ) و(ب) المتعلقة "بتدريس اللغة الأمازيغية في جميع المراحل التعليمية، بما في ذلك التعليم قبل المدرسي، وزيادة عدد الأساتذة/ت المكونين/ت تكوينا كافيا على تدريسها وتعزيز حضور اللغة والثقافة الأمازيغيتين في وسائل الإعلام السمعية والبصرية"، وذلك في أجل أقصاه سنة انطلاقا من تاريخ نشر التوصيات الختامية الذي هو 08 دجنبر 2023؛
- تنفيذ التوصية الصادرة عن ذات اللجنة المتعلقة "بحماية الأمازيغ من مصادرة أراضيهم ومن التهجير القسري، وإعادة الأراضي المصادرة إلى أصحابها الأصليين وضمان الحق في الانتصاف وولوج الضحايا إلى العدالة، مع تفعيل المنهجية التشاركية عبر إجراء مشاورات فعالة مع المعنيين قبل الترخيص بأي مشروع تنموي أو استغلال للموارد الطبيعية من شأنه أن يؤثر على أراضيهم"؛ وهذا لن يتأتى إلا بإلغاء القوانين التي تستمد روحها من القوانين الاستعمارية، ومنها القانون رقم 17-62 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها؛
- رفع كل أشكال التمييز ضد النساء، ووضع مدونة للأسرة تقر بالمساواة التامة بين الجنسين وتحترم قواعد العدل والمساواة، ولا تتعارض مع الطابع الكوني والشمولي لحقوق الإنسان؛
- اتخاذ التدابير الضرورية للوقاية من التمييز العنصري والتحريض على الكراهية، من خلال استصدار قانون يعالج الظاهرة ويحاربها، والعمل على تنظيم حملات تحسيسية في صفوف الموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين، ولاسيما رجال الشرطة والدرك وإدارة السجون والمكلفين بمراقبة الحدود، وفي صفوف القضاة والمحامين...؛
- توفير كل الضمانات الكافية من أجل حماية حق جميع المواطنات والمواطنين، دون تمييز، في ممارسة حرية الرأي والتعبير،والحق في التنظيم والتجمع والتظاهر،وفي حرية الدين و المعتقد، طبقا للمعايير الدولية، مع العمل على القطع مع ممارسة التضييق على المدافعين و المدافعات عن حقوق الإنسان و إطلاق سراح جميع معتقلي الرأي والتعبيروفي مقدمتهم معتقلو حراك الريف؛
- القيام بحملات تحسيسية في صفوف كل فئات المجتمع، وتخصيص رجال ونساء التعليم والإعلام بالتكوين اللازم من أجل المساهمة في نشر قيم المساواة وعدم التمييز، وفتح الباب أمام الحركة الحقوقية، ودعمها، للقيام بدورها في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، وخاصة الحق في الحماية من التمييز العنصري والكراهية.
الرباط في 21 مارس 2024