04/10/2022 19:11
عام
ملفات صحفية
بيان الجمعية المغربية لحقوق الإنسان
بمناسبة اليوم العالمي للحق في السكن اللائق.
يخلد المنتظم الدولي، يوم 03 أكتوبر 2022، اليوم العالمي للسكن تحت شعار: " احذر الفجوة. لا تتركوا فردا أو مكانا خلف الركب"، لإثارة الانتباه إلى تزايد غياب المساواة وتفاقم العجز المسجل في مكافحة الفقر؛ جراء تظافر الأزمات الثلاث المتمثلة في النزاعات، والتغيرات المناخية وجائحة "كوفيد-19"؛ وللتأكيد على حاجة الحكومات إلى التخطيط "لمستقبل شامل ومرن وأكثر اخضرارا" و"لإعداد المناطق الحضرية لمواجهة الكوارث المستقبلية"، في إطار مقاربة ترتكز على إعمال وتنفيذ خطة الأمم المتحدة الخاصة بأهداف التنمية المستدامة.
ويتعرض الحق في السكن اللائق ببلادنا لانتهاكات متعددة؛ تتراوح ما بين الحرمان الكامل من هذا الحق، كما هو الشأن بالنسبة للمشردين وضحايا الإخلاءات القسرية الذين تزداد أعدادهم بشكل مهول، وفئات عريضة من المهاجرين جنوب الصحراء الذين يعيشون في مخيمات أو في العراء؛ أو كما هو الحال عند قاطني دور الصفيح والأحياء غير المهيكلة؛ حيث تنعدم الشروط الدنيا المتطلبة لاستيفاء معايير السكن اللائق الذي يحفظ كرامة الإنسان ويوفر له الخصوصية والأمان.
وإذا كان العجز عن الحصول على سكن لائق مظهرا من مظاهر الفقر والتهميش والهشاشة الاجتماعية، فإن اتساع دائرة ذلك، لاسيما مع حلول جائحة "كوفيد-19"، وما صاحبها من شلل اقتصادي، وفقدان للشغل في ظل غياب الحماية الاجتماعية الشاملة، وانهيار كبير للقدرة على تأمين مستلزمات العيش الكافي، والارتفاع المهول لأسعار المواد الأساسية والطاقية الناجم عن الحرب بين روسيا والناتو التي تدور رحاها فوق التراب الأوكراني؛ زاد الوضع سوءا وقتامة حيث يطل علينا الواقع العنيد مفصحا عن تفاصيل ما تحمله الحياة اليومية للناس من مآس، وهم يكافحون من أجل الظفر بسقف يحميهم ومنزل يأويهم.
وهنا لا بد من الإشارة إلى الإفراغ القسري لملايين من الفلاحين الفقراء القاطنين في أراضي الجموع، والتي صدر بشأنهم قانون 2018، لتفويت تلك الأراضي للخواص؛ الذي من شأنه أن يؤدي إلى هجرات قروية واسعة لا ملجأ لها سوى السكن العشوائي في ضواحي المدن الكبرى وإلى صعلكة العالم القروي.
وفي هذا السياق فإنه يمكن، بناء على رصد الانتهاكات والإخلالات التي ما انفك يتعرض لها الحق في السكن بالمدن والقرى، بوصفه حقا أساسيا من حقوق الإنسان وركنا جوهريا فيها، تسجيل ما يلي:
- العجز والخصاص اللذان يعرفهما السكن اللائق، المحدد وفق ما تذكره المصادر الحكومية في 200.000 وحدة سنة 2021؛ وهذا في الوقت الذي يتم فيه تفويت بشكل سخي وبطريقة غير مشروعة، وبأثمنة بخسة، لأراضي الجموع والملك العام لخدام الدولة ولفائدة المضاربين العقاريين، الذين يستفيدون من الإعفاءات الضريبية ويحققون أرباحا مرتفعة دون أن يحلوا معضلة السكن الاجتماعي بجميع أنواعه؛
- استمرار ظاهرة دور الصفيح والسكن العشوائي، التي كان عدد الأسر المستهدفة، التي جرى إحصاؤها، عندما شرع في تنفيذ برنامج "مدن بدون صفيح"، 270.000 أسرة، غير أن التحيينات المتتالية أبانت على أن هذا العدد ارتفع ليصل حاليا إلى نحو453.906 أسرة (472.700 أسرة حسب عرض المجلس الأعلى للحسابات أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب في 23 يونيو 2020)، تتوزع على 85 مدينة ومركزا حضريا؛ حيث تظهر المعطيات أنه رغم الإعلان رسميا على أن 59 مدينة منها قد أصبحت بدون صفيح، إلا أن الدولة لا زالت عاجزة عن تسوية وضعية ما تبقى من الأسر المعنية بالبرنامج التي حددتها وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة في 150.000 أسرة؛
- اعتماد الدولة المقاربة الأمنية السلطوية في التعاطي مع ملف السكن غير اللائق، غير عابئة بما ينجم عن ذلك من مآس اجتماعية وانتهاك بليغ للمعايير والمبادئ الدولية، نتيجة هدم هذا النوع من المساكن وتهجير القاطنين بها والإلقاء بهم في العراء؛ حيث تمس عمليات هدم البيوت جميع مناطق البلاد، إرضاء لجشع طغمة من مافيا العقار. ونسوق، على سبيل المثال لا الحصر، ما تعرض له سكان تارميلات والماس من طرد وترحيل من المنطقة المجاورة لمعمل سيدي علي والماس في أوج الجائحة، خلال شهر دجنبر من العام الماضي، فيما كانت الأجواء ممطرة وجد باردة، وما مورس من تجريف لمنازل سكان أحفور المعطي بالخميسات في نفس الفترة، أو ما حدث مؤخرا لساكنة دواوير البراهمة وأولاد العياشي بسلا، الذين عنفوا وشردوا بعد أن دكت منازلهم؛ هذا علاوة على التلاعب في إعادة هيكلة أحياء الصفيح، كما وقع لساكنة دوار صحراوة بتمارة (50 أسرة)، وساكنة حي حمرية بجرسيف (عدد الأسر المعنية بإعادة الهيكلة أزيد من 8000 أسرة) الذين قاموا السنة الماضية باحتجاجات كبيرة جدا، وجرى استدعاء واستنطاق أزيد من 50 فردا لترهيبهم، وحملهم على القبول بتعديل في إعادة الهيكلة يتم بمقتضاه دمج أسرتين في بقعة واحدة وليس بقعة لكل أسرة كما كان في البرنامج الأول؛
- النسبة المرتفعة التي لا زال يمثلها النسيج العتيق للدور القديمة بالعديد من المدن، وما تشكله المنازل المتهالكة الآيلة للسقوط من خطورة كبيرة على حياة ساكنتها، إذ ظلت الجهود المبذولة، حتى حدود سنة 2021، قاصرة عن تحقيق الأهداف المرسومة لها؛ حيث رشحت الحكومة للتعاقد ما يناهز 37.000 بناية مهددة بالانهيار؛
- افتقار معظم الأحياء الشعبية بالمدن والقرى لأهم التجهيزات والبنيات الأساسية من طرق وإنارة وقنوات الصرف الصحي، وللمرافق والخدمات الحيوية من نقل ومساحات خضراء وفضاءات ثقافية ورياضية، وتعليمية وصحية...
- انعدام الاهتمام بوضعية المشردين والذين يعيشون بدون مأوى، وعدم التوفر على أماكن للإقامة الطارئة مأمونة وحافظة لكرامة هؤلاء...
والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وهي تحيي هذا اليوم الدولي، إذ تستحضر ما يكابده ضحايا انتهاك الحق في السكن اللائق من بؤس وحرمان وتعسف وتشريد، فإنها تعبر عن تضامنها الدائم واللامشروط مع هؤلاء الضحايا، وتطالب الدولة بالآتي:
- اتخاذ كافة التدابير المالية والتشريعية والإدارية من أجل تأمين حق جميع المواطنين في الحصول على سكن لائق وآمن، يكون ميسور الكلفة ومضمون الحيازة ومتوفر على كافة المرافق والتجهيز ات والخدمات؛
- سن قوانين تحمي الحق في السكن وفق المعايير الدولية، وتضمن حقوق السكان في الاستقرار والحماية من التشرد، قبل وأثناء عمليات الإفراغ أو الإخلاء القسري عند الضرورة ؛
- إلغاء كل القوانين والتشريعات، المستمدة من الظهائر الاستعمارية، التي تحرم أو تحد من حق الجماعات القبلية في التصرف في الأراضي الجماعية الخاصة بها، وفي مواردها وثرواتها؛
- وضع حد للمضاربات العقارية، والتفويتات غير المشروعة للأراضي المملوكة للدولة وللجماعات لفائدة مافيا العقار.
المكتب المركزي:
الرباط، في 03 أكتوبر 2022.